الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

البحر كان في ضيافتي اليوم للكاتب محمود الشنقرابي

البحر ...كان في ضيافتي اليوم
حضر هو والمد والجزر ...وصغار الأمواج
.................................
في خارج بيتي ...
كانت النوارس تصرخ بأبيات الشعر
كلما أكملت قصيدة ...
هم صغار الأمواج ... بإدخالها إلى بيتي
وبعد أن يعبثوا بمحتوياتها 

من كلمات وأحرف ونقاط
يتركوها مبعثرة في أرضية غرفتي الوحيدة
لحين أن أعيد جمعها من جديد
...................................
كان البحر ينهرهم لفعلهم هذا
لكني كنت أطلب منه أن يتركهم بحريتهم
فهم أطفال ...
والأطفال أحباب الله ............
...................................
المتسول المتواجد - دائما - فوق الرصيف المقابل لبيتي
وقيل أنه يشبهني......
كان كلما صرخت النوارس بأبيات من الشعر
يقوم بمباركتها
بالمسح بيده على الأبيات ...بيتا .. بيتا ..
ويساعد صغار الأمواج في رفعها عليهم
...................................
...................................
قبيلة النمل المتواجدة في جحر
ما بين مطبخي والحمام
شمت رائحة القصائد ....
فخرجت عن بكرة أبيها
ألقوا السلام أولا على البحر ومرافقيه
وحيّوا عبر الشباك ... النوارس ...
ولم ينسوا ...........الرجل المتسول
..................................
..................................
نملة منهم أعجبها بيتا من قصيدة
لكنه كان مغلقا ....
طلبت مني أن تشق جدرانه وتدخل
فسمحت لها ........
بعد أن دخلت ...
خرجت مسرعة ...
فأسرّت في أذني كلمة .. وغادرت إلى جحرها
....................................
لاحظ البحر ومن معه ما بدر منها
فإستاذنوا وعجلوا بالمغادرة
غادروا جميعا بعد يوم عامر
حتى النوارس في الخارج
سبقتهم للشطآن البعيدة ............
.....................................
في حركة عاجلة مني
كنت أسترق السمع على أبيات القصائد
كان الشخص المجهول المتواجد - دائما
خلف الأبواب المغلقة يتحدّث ...في الداخل
أخذني الفضول المتعجل ...
ففتحت قصيدة بأكملها ......
......................................
فوجئت بجمع من رؤوس الشعراء
وصخب وهرج ومرج...
ووسط هذا الحشد
كان " أندريه بريتون " يصيغ بيان السريالية
وعندما رآني .......................
أشار بيده .. فسكت الجميع كأن على رؤوسهم الطير
فقال ليّ بصوت جهوري : يا هذا ....
حيك لنفسك جلبابا من صراخ النوارس ...
إلبسه كفكرة قاسية لقانون البشر ...
وإرفع رأسك عاليا ...
إذا ما داهمك النعاس وأنت في عمق البحر
فالاسماك التي فقدت ذاكرتها
وهي تنقش اسمك على معابد المد
وتعرف جيدا
إنك أخو البحر في الرضاعة
قد جاءت اليوم تلتقم كل قصائدك ...
لا لشيء .........
سوى إن قصائدك يكسوها بياض الريح
واليقظة الدائمة لنقرات المطر ....
.....................................
.....................................
أغلقت القصيدة بأقصى سرعة
وأنا لا أزال واقفا مشدوها .....
.....................................
من الشباك ........................
رأيت جثامين في نعوش ... تحملها النوارس
وآخرين معهم مشاعل
وهم يشيرون ..... بعلامة النصر
وبآخر المسيرة ....
المتسول مكبلا بالحديد .....!!!!!
***
" شنقرابيات " مجهول خلف الأبواب المغلقة يتحدّث
رسم وكلمات / محمود الشنقرابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق